تباً له من غرب منافق بئيس!
في هذه الأثناء، تدك الطائرات الإسرائيلية البشر والحجر والشجر في غزة، بشراسة وعدوانية تحاكي بربرية المغول، بل أن هولاكو يبدو حملاً وديعاً أمام همجية نتنياهو ووزرائه المتطرفين.
فالقيادة الإسرائيلية تريد أن تغطي عن فشلها الدريع، الذي سيبقى وصمة عار في جبينها أبد الذهر، لذلك تحاول أن تحول أنظار رأيها العام عن مسؤوليتها، وذلك بالتصعيد وفي الغلو في اعتداءاتها على الفلسطينيين العزل، مستفيدة من دعمٍ أعمى للدول الغربية.
وفعلاً، في هذه الأوقات العصيبة، لا يزال الغرب، عبر أذرعه الإعلامية، يفصل في عملية "طوفان الأقصى" ويجتهد في إظهار أوجه "بشاعتها" حسب تعبيره. بلاطوهات القنوات الغربية بأمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا.. مليئة بالتباكي على قتلى هجوم حماس ورهائنهم، مع زيادة بهارات كثيرة. "لقد قطعوا رؤوس الأطفال واغتصبوا النساء وقتلوا العجزة بدون شفقة ولا رحمة". هكذا خاطب جون بايدن الشعب الأمريكي بجرعة دغدغة مشاعر زائدة، ليعود مكتبه بعد ساعات ليقول إن تلك الأوصاف هي أخبار غير مؤكدة، ومصادرها إسرائيلية.
وقالت حماس إنها أخبار زائفة متحدية أي كان أن يقدم حجة واحدة عنها ! لكن ورغم تراجع البيت الأبيض واعتذار صحفية CNN التي كانت أول من روج لتلك الأكاذيب، ظلت قنوات الدول الغربية تكرر على مدار الساعة لازمتين. أولاً، وحشية حماس وقتلها للأبرياء وقطع الرؤوس والإغتصاب. ثانياً، حماس لا تمثل الشعب الفلسطيني وأن سكان غزة رهائن تحت رحمة حماس وتستعملهم كأذرع بشرية.
الغريب أنهم يعتبرون سكان غزة ضحايا لحماس وفي نفس الوقت يغظون النظر عن قتلهم من طرف إسرائيل ودكهم كحشرات، وحاشا أن يكون الفلسطينيون كذلك. في نفس الوقت، ينقلون من عين المكان، بحماس زائد، تدفق الحشود العسكرية الإسرائيلية على الحدود مع غزة وبث عمليات إبادة سكان غزة بلازمة "حق الدفاع عن النفس". عن أي دفاع عن النفس تتحدثون؟ بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية كما قالت مقررة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة؟ بمحاولة إبادة شعب عن بكرة أبيه؟ وكم من ضحية تكفيكم لإشفاء غليلكم، خمسة آلاف، عشرة آلاف أو أكثر و بدون عدد؟
وهل تعتبرون الإنسان الإسرائيلي أكثر قيمة من الإنسان الفلسطيني بصفة خاصة والإنسان العربي بصفة عامة؟ وحتى إذا استشهد مليوني "غزاوي" هل تعتقدون أنكم أقبرتم القضية الفلسطينية للأبد؟ للأسف، هذا الغرب المنافق هو في الواقع شريك في جرائم الحرب التي يرتكبها المحتل الإسرائيلي. هذا الغرب المنافق يتحمل المسؤولية التاريخية في خلق هذا الكيان الصهيوني بفلسطين.
هذا الغرب المنافق لم يفعل أي شيء بعد أن احتقرت إسرائيل 226 قراراً أممياً ضدها ورمتها في القمامة دون أي محاسبة. هذا الغرب الإسرائيلي ترك إسرائيل تأخذ من اتفاقية السلام اعترافاً عربياً بوجودها وداست بالأقدام التزامها بحل الدولتين. هذا فقط غيضٌ من فيضِ نفاق الغرب الذي يذرف اليوم الدموع عن دولة مارقة وموغلة في الوحشية اتجاه السكان العزل الذين يعيشون الظلم والقهر على أيدي جنود الإحتلال والمستوطنين المتطرفين الراديكاليين.
الغرب المنافق يحتقر موقف العرب من مجزرة غزة ولا يولي أدنى اهتمام لنداءات القيادات العربية بحماية المدنيين بغزة. الغرب المنافق يحتقر الإنسان العربي وفي نفس الوقت يبحث من بينهم عمن يضغط على حماس لإطلاق سراح الرهائن! الغرب المنافق يلهث وراء أموال الخليج وقطر خاصة، ولايتردد في نعث هاته الأخيرة بتمويل الإرهاب. الغرب المنافق يشير بصوت يكاد لا يُسمَع عن تجنب استهداف سكان غزة، ويدعم إسرائيل علانية في مخططها الجهنمي بتهجير جماعي لبسط سيطرته كلياً على كل الأراضي الفلسطينية.
الغرب المنافق هو ليس إلا واحداً من عوامل التصعيد و دعم الإحتلال الصهيوني. الغرب المنافق يعرف أن إسرائيل تقود حرباً دينية ويقول أن حرب إسرائيل هي حرب الديموقراطية ضد الإرهاب. الغرب المنافق يعتبر إسرائيل مُعتدى عليها لأنه يبدأ القصة من "طوفان الأقصى" متناسياً بحار الدماء التي أسألها العدو الصهيوني قبل ذلك. الغرب المنافق يُقبر عملية السلام باصطفافه الكلي مع المحتل. لكني أجد في الأخير خِصلة واحدة في نفاق الغرب هذا. كونه عرى عن نفاقه وأبان عن وجهه القبيح وكذبة ديموقراطياته وحرية التعبير بها.
فها هي بلاد الأنوار، فرنسا، تمنع مسيرات دعم فلسطين وتهدد بالسجن من خرج لنصرة غزة. وها هي شرطة ألمانيا تكسر عظام المتظاهرين ضد وحشية العدوان الإسرائيلي وكأنها تريد أن تمسح عنها عار المحرقة ولو بدعم محرقة أخرى. ها نحن قد وقفنا على نفاق الغرب، فكيف نثق في أنظمة اصطفت مع احتلال صهيوني متوحش؟ وكيف لها أن تلعب بعد اليوم دور الوسيط وهي خصم مع العدو قلباً و قالباً؟ فتباً له من غرب منافق بئيس!